حادثة اعتداء المغتصبين الصهاينة على مسجد قرية "اللبن" جنوب نابلس بالضفة الغربية وحرقهم للمسجد وجمع المصاحف وحرقها، وحادثة هدم قوات الاحتلال لمسجد عمر بن الخطاب بمنطقة الدهينية شرق رفح جنوب قطاع غزة، ومنع قوات الاحتلال رفع الأذان في المسجد الإبراهيمي 59 وقتا للصلاة خلال الشهر الماضي بحجة إزعاج "المستوطنين" الموجودين في القسم المغتصب من المسجد، لم تكن كل تلك الحوادث إلا امتدادًا لسلسلة من الجرائم والاعتداءات اليومية التي تمهد للعدوان الأكبر الذي يستهدف القبلة الأولى المسجد الأقصى المبارك.
إلا أن هذه الأحداث تحديدًا جاءت بعد قرار لجنة المتابعة العربية استئناف المفاوضات غير المباشرة مع الاحتلال، وسرعان ما تبعها دعم من الإدارة الأمريكية للسلطة برام الله بمبلغ 150 مليون دولار، هل هذه الميزانية مكافأة على القبول بالعودة للمفاوضات؟ أم أن المفاوضات ماضية في طريقها المعلن والسري! أم أنها تقوية للقوات الأمنية التي تمنع المقاومة بالضفة الغربية من الانتصار للقدس والمقدسات.
إن هذه الأحداث وغيرها تثبت بما لا يدع مجالاً للشك أن الصراع بيننا وبين اليهود صراع عقدي، كما أن دعم النصارى ومساندتهم لليهود ينطلق من منطلق عقدي يرمي في نهاية المطاف إلى إقامة دولة لليهود للتمهيد لنزول المسيح – عليه السلام ـ ومن ثم لا يمكن أن تتغير السياسات الغربية تجاه الاحتلال ووجوده وأمنه حتى لو أدى ذلك الأمر للقضاء على مصالحهم مع جميع الدول العربية.
إن الاحتلال ووسطاء السلام غير معنيين بالمفاوضات، بل هم معنيون بالدرجة الأولى بتهويد القدس للتعجيل بنزول المسيح – عليه السلام، والاستيلاء على أكبر قدر ممكن من الأراضي، وتهجير أكبر عدد ممكن من السكان، والقضاء على المقاومة حتى لو تطلب الأمر محاصرة شعب بأكمله، أو استخدام الغاز السام أو أي نوع من أنواع الأسلحة المحرمة دوليًا.
إن الصمت عن مثل هذه الجرائم يدفع الاحتلال لارتكاب المزيد منها، ويوفر الغطاء له للاستمرار والمضي في هذا الطريق، إن أموال الدنيا كلها لا تساوي حرمان مسلم من الصلاة في بيت من بيوت الله، فكيف الحال بحرمان الأمة الإسلامية في كل مكان من الصلاة في المسجد الأقصى المبارك؟.. إنها جريمة وظلم وصد عن سبيل الله يشارك فيه كل من حارب المقاومة في السر أو في العلن، وكل من ساند الاحتلال في السر أو في العلن، قال تعالى: {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا أُولَئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوهَا إِلا خَائِفِينَ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [سورة البقرة:114].
24/5/1431 هـ